الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017

الزمن توقف، إنني أركض و ألهث، و الناس حولي تسرع، و كل شيء يمضي بسرعة، لكن الزمن متوقف، كما يتوقف في كل مرة عندما تصفعنا الحياة فيها الفاجعة الموت..
لقد قالوا سعيد، و قالوا انتحار، و قالوا حبل، و قالوا أشياء أخرى لا أذكرها، فقد كانت كبيرة جدا على شخص يحاول فهم الكلمات الثقيلة هذه كلها، وصلت الشقة و كانت مليئة بالحشود، الناس تجمعت فضولا كي ترى جثته، جثته؟ إنني أقولها.. متى صار جثة! عن من أتحدث أنا؟! سعيد ؟! لا زلت أشعر بتوقف الزمن..
كنت أنظر حولي و أسمع الناس لكنني لم أدرك أي شيء، كنت أغمض عيني و أكرر في نفسي، هذا الوقت سيمضي، يا رب اجعله يمضي سريعا، اجعلني أطير فيه لما بعد الفهم، و بعد الإدراك و بعد التجاوز، كان ثقيلا علي أن أعيش هذا كله..
لكن الآن واقع أراه، إنه هنا، الرجل الحزين الذي يقول لي أخي، ممد على الأرض و حول رقبته حبل ترك خطاً أحمر بعد ضغط طويل، عيناه نصف مغلقتين، و فمه نصف مفتوح و لونه مخنوق، و أطرافه مبعثرة، لقد دل شكله على رجل مهزوم اختار أن يستسلم، و لم يكن بخير..
لقد قال في رسالة كتبها لي على الفيسبوك قبل الحادثة بدقائق، و لاحظتها متأخراً، أنه يشعر الآن أنه بخير، لكنني أريد أن يقرأ ردي عليه، يا سعيد، حتى في الموت، لم تكن بخير..
أمسكت يده و كانت باردة، دار في بالي سؤال واحد فقط: لماذا؟ و شعور واحد: اللوم..
حملوه أمام عيني، غطوه، أخذوه إلى مكان بعيد، لم أمنعهم، شعرت فجأة أن علي العودة للحياة، ماذا أفعل؟ بدون أي وعي، حملت هاتفي، و التقطت لنفسي صورة سيلفي! لقد فعلتها ولا أدري لماذا! ثم حذفتها دون أن أنظر إليها، ثم وضعت الهاتف في جيبي و أنا لا أدرك أي شيء مما يدور او ما أفعل، و الزمن كان متوقفاً، عندها اتصل الهاتف بالانترنت فوصلت رسائل على الماسنجر، شعرت بشيء، كل شعوري طوال الوقت كان العدم، و هذا أيضا كان العدم، لكنه عدم مختلف، فتحته، كانت رسائل كثيرة و بدا أنها في أوقات متقاربة، لم أفتح أيا منها لكنها بدت عن نفس الموضوع: صدمة، و تعازي، و تساؤل إن كان الخبر صحيحاً، ثم رسالة طويل ترتاح في آخر الرسائل، إنها من الجثة التي أخذوها قبل قليل! فتحتها و أنا أحاول فهم ما حصل و يحصل، ما فعلت و أفعل، و أحاول فهم ما فهمت و ما لم أفهم عن كل هذا الأمر:
"كنت أشعر دائما إنني سأكون بخير، يوما ما، فقد عشت حياة أطول من العشرين سنة التي يعيشها كل الناس، لكنني كنت أملك بالاً أطول منها، و املا أكبر من بطشها، كنت أقول دائما، و بعد كل نهاية: سأكون بخير، لكنني لم أرَ الخير، و مع ذلك ظللت أشعر به قريباً، قادماً من بعيد، و أنني سأعيشه مرة قبل الموت، و أعرفه، أراه، لكنه لا يحصل، ها أنا أقترب من الموت الآن، إنني أموت، و لأول مرة يا حسن، أشعر أنني بخير.. و يبدو أن حصتي منه في الموت فقط.. "

أحضروه في المساء ليدفنوه، و كان الزمن لا يزال متوقفاً، علت الأصوات مرة أخرى، تقدّم الآخرون و ودّعوه، قبّلوه، و ابتعدت أنا عنه، خذلته، عاقبته، لم أودّعه، لأنه لم يستحق ذلك مني، لأنه انهزم، لأنه استسلم، لأنه أفلت يدي و أنا أظن أنني أمسكها جيداً، لأنه خذلني و تركني وحيداً، لأنه الآن يرحل، و يعاقبني بأن لا أكون أبداً بخير..

و ها هو الزمان يمر، ولا يمر! و لا يزال يدور حول نقطة واحدة، حول سعيد، و منذ أن تَعنون باسمه ظل واقفاً.. و إني أرى زماني في دائرة واحدة، واقفة، سعيد، إلى الأبد.

الجمعة، 7 يوليو 2017

أقف أحيانا -بشكل غبي- في أماكن تعارض قناعتي تماما، أجد نفسي ماضياً مع القطيع كما يمضي، و أينما يمضي، ثم أتوقف بشكل غريب في المنتصف، أقول ما أقوله نية العودة إلى الرشد: ما الذي أفعله هنا؟!
و تتكرر غلطتي هذه دائماً، حتى الآن! ما الذي أفعله هنا؟!!

الأربعاء، 5 يوليو 2017

اهابك.

أهابك بقدر رجفات قلمي و انا اكتب عنك الآن ..
بالنسبة لي، الرجل الحقيقي هو من أشعر حين أكتب عنه أنني تحت، و أنه فوق السقف السابع بأمتار، هو من أشعر باحتواء الرهبة إذا قررت أن أنظر اليه، الحاضر مهما غاب و الأقرب مهما ابتعد، الأكبر من الجميع مهما فعلوا و كيفما كانوا !
و هذا الشعور ينقصني مع كل البشر إلا اثنين، الأول اسُتشهِد و الثاني سُرِقَت محاولته إلى زنزانة، فصار شهيداً بِنَفسٍ طويل، مجهول في الأرض، و أكرم المعروفين في السماء!
#علا_أبوالرب

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

شمعةٌ، لو تشتعِل.

هنا، أنشر محاولتي الثانية في كتابة القصة القصيرة، آملة أن تكون للحروف ضجيجاً يستحق أن يُقرأ، و يستحق أن يصل..

https://drive.google.com/file/d/0B47A0pSNynPNNmN1WjNJYkJMRlk/view?usp=docslist_api

الأربعاء، 29 يوليو 2015

روايات اليوم، قتل للشجر.

مناشدة من قارئ إلى كتاب الروايات..

في زيارتي الأخيرة للمكتبة، وقفت أمام قسم الروايات، أو خلينا نقول، "قسم ضحايا الحب المذبوح "، الكل يعشق و يحب و يعاني من نفس المشاكل، و نفس الديباجة المملة، كل قصص الروايات باتت نسخاً و لصقاً عن بعضها،  و صارت أحداثها متوقعة مسبقاً، فأنت تسمّع النهاية التي حفظتها مسبقاً قبل وصولك إليها، أضحى الحب (و فقط الحب) معربداً على سوق القصص، حتى تخلى عن أهم عناصر الرواية ( التشويق و المفاجأة)، و الواقع من تلك القصة مذبوح مع هذا الحب، و صار مفهوم العشق ( بدو تعشيق)..!

و صار الناس يمارسون حرية الحب على الورق بعد أن حرّموه بأنفسهم، في حين أنه في الواقع ممنوع الحديث عنه، و هذا لأننا طبعاً لا نتكلم عن الحب إلا في تلك الروايات، نعيشه كل يوم إلا أننا نربطه بالخيال و الروايات! ( بالمناسبة ليش الحب عيب و حرام؟)..

حتماً ليس الحب و موضوعه المشكلة، (فهو من أسمى المواضيع التي تطرح في مجتمع يرغبه بقدر ما يخافه)،  المشكلة تكمن في الأفكار الهندية و التركية و النهايات المكررة، إذ أننا صرنا نشتاق لكاتب يقوم بوظيفته الأهم، ألا و هي خلق فكرة جديدة و حمل قضية للقارئ.. صارت الكتب و قصصها (غير الواقعية أو المكررة) حشيش المخ بعد أن كانت غذاءه..

و نقطة أخرى تجاهلها الكثير من الكتّاب، و هي أننا شعب لا يقرأ إلا بمناسبة تاريخية ( كأن يسألك أحدهم سؤالاً تراه صعباً فتجد ابن أبو حسام الغبي أجابه بسرعة لأنه قرأه)، و عندما تقرر قراءة الكتب، يقع بين يديك كتاب إما أن يجعلك تلعن سلسفيل الكتب و قارئيها و كاتبيها، أو أن تنجر مع خيال و وهم قصصها ناسياً لماذا تقرأ أصلا،  و في الحالتين،  الكتب المعاصرة تحتاج إلى أقرب حاوية، ثم إنها لا تعطيك فائدة تذكر، ينتهي مفعولها الوهمي بمجرد إغلاق ذاك الكتاب (خذ فلتغفري مثالاً).

و من هنا وقفة احتجاج من قارئٍ له على الكاتب حق، فأنا أدفع ثمن الكتاب من جيبي الحزين، أرجوكم اكتبوا ما عليكم أن تكتبوا، و لا تنسوا أنكم توجهون جيلاً قارئاً بما تكتبون، إن لم تحمل قصة الحب الهندي قضية، وفروا أوراقها لكتاب يستحق، و بيعوا فيها فلافل مثلاً ،  نحن سنستفيد و أنتم كذلك!!

الثلاثاء، 17 فبراير 2015

و ابتَعدَت..!

عندما يبدأ أحد يعني لك الكثير بالبعد عنك، أنت تفقد بصيرة عقلك الذي لن يَستوعب، و ينحصرَ على فكرة واحدة، " أريده أن يعود، لا تهم أسباب البعد كلها، أريد عودته و سأغفر فوراً ".
ثم تدرك بعد اعتيادك جفاءَه، أن له أسبابَه، نعم، له أسبابٌ لا تخصّك، جَعَلتكَ وحيداً رامياً ذنوب الكوكب على كاهلك، ببساطة، لأسبابٍ لا تخصّك، عندها تفكر، "هلّا قتلتُ أسبابَه لأعودَ له بعد اشتياق، ثم أقتله هو!".

سأتكلم عني أنا، فعندما رحلَت فجأة، تخبّطت غيرَ مصدّقٍ أن صفواً جَمَعَنا قد يُعكّره "بعدٌ أو جفا "!.
لكن بعد هدوء العاصفة بأحزانها و ظنونها و الشكوك، صرتُ أَوضَح، أختلقُ الأسباب، 
قد تكون واعيةً أنني ذنب، 
ربما وَعى" الصّح " فيها، أو وعَت فيها اختلافاتنا، و ما أكثرها!،
ربما ضغطٌ خارج جَبَرَها، أو أن الضغط فيها، ولم تسيطر عليه أيضاً،
ربما اختَصرَت الكثير بهذا البعد، فقد تكون نهايتنا فراق أيضاً.
رائع!
أنا أخلق التبريرات، أظنه جيداً لأنسى!!.

مهما اقتربنا، سيظل هذا عالقاً في نظرتي، بالرغم من الشوقِ في روحي و الفراغ الصارخ بعدَها، و حاجتي لكل ما اعتدتُه في ثنايا حواراتنا، فـَ لن أقترب، و إن اقتربَت هي، لن أقترب... على الأقل، سأحاول!!

لكن ، ربما هذا أفضل، ربما كنا منذ البداية، خطيئة!..

عُلا ❤.

الاثنين، 16 فبراير 2015

ماضٍ لا يموت.!


أنا كائن ذاكرتي ضعيفة جدآ، اليوم، و بشكلٍ غريبٍ لا أدريه، هبَّت رياح الزمان للذاكرة، أشياء فعَلتُها، قلتُها، دَعوتُ لها، حرّضتُ عليها و لها، و عقبها الندم، ماضٍ بعيد دفَنْتُه حياً لأجده اليوم نابض في نفس المكان، لم يمت، و إن ماتت ذكراه، أو لنقل، نامت!
عادةً، نقتل الخيباتِ فينا، نلعنها فينا كلّما كَثُرت،  أو نبشت ذاكرة النسيان، و لأننا سُذَّج، نقول أننا نسينا.
لم أعرف أن بيني وبين النسيان أغنية،  رائحة عتيقة،  أو حتى تذكار بسيط كنت قد دفنته مع الماضي في قلبي، و رميته مع المنسيّات في الصندوق، و رغم كلِّ محاولات قتله فيَّ إلا أنه لا يموت،  تذكرتُ حينها عبارة كتبتها قبل سنتين،  كلما راجعتها محاوِلةً تذكر المناسبة منها عجزتُ،  لكنني اليوم تذكّرتٌ المناسبة،  بل عِشتُها، و لو لم أكتبها في ذلك الوقت لكتبتها الآن، و الذكرى و المناسبة واحدة حين قلت :
لا يزال الماضي حياً في حاضري، و ماضي أنا لا يمضي.. لا يموت!..