الخميس، 15 يناير 2015

عِندَما تَذكَّرتُك..

كلِمةُ فِراق صعبة جداً، في إملائها و حَديثها و معناها الصّعب، كثيراً ما تكون حَليفةَ الحزن و الأوجاعِ،  ربما لهذا السبب، نكره الفراق، لأننا نكره أوجاعَنا..

يمرُّ اليوم سَنَتَين و ستة أيّام و سبعين جلسة بُكاء، على آخرِ وداعٍ، و أنتَ الأدرى بأنّه عادتُنا الموجعة التي نُحب، بِقدرِ الحزنِ لا ننسى أننا التقينا، و نُفضِّل تسميته بآخر اجتماع على نعته بالوداع، نحن أَحِبّةٌ قنوعينَ يا صديقي! ..

قررتُ أن أكتب لكَـ اليوم بعد مواقفَ كثيرة تَذكُرُ الفِراق كان آخِرُها البارِحة، حين بَكى صَديقي على كَتفي شوقاً لحَبيبته، و أَخَذَ يَشكي ظُلمَ الأيام التي سَتُبعِدُهُم سَبعةَ أَشهرٍ قبل أن يَتمكن من التَّقَدُّمِ لها.. كانَ مُنهاراً، و حَمَلَ من الحزنِ ما يكسر الظَّهرَ سنة..
و أنا بَعدَ تجرُبَتي مع البُعد، صرتُ أفهمُ أن حرقةَ البكاء في اليوم الأول هي الأعظم، لأننا حينها لا نحزن من لَحظة الفِراق بقَدر خَوفِنا من فِكرةِ الاعتِياد، و مُعايَشة الأيَّام دون وَصل..

قال لي أن عَزاءَهم في البعد قربُ المَدينتَين، أَلقَتني كلماتُه في مُقارنةٍ أدري ضَعفَ جَبهتي لاحتِمالِها، ضَحِكتُ في نفسي حتى لمعت دمعتي، فهو يبكي فراقاً أدناه لقاء، و أنا بحالٍ تكاد تعتادُ الموت من بعدٍ لقاؤه أبعد من الدنيا و وصلها، هو يبكي بُعدَ المسافة، و أنا أُغمضُ عينيّ خوفاً من إيقان حقيقة اختفاء المسافة بيننا، و التي أعيش على وهمِ وجودِها أملاً لِروحي التي قد لا تحتمِلُ التفكير بأنه وهم، هو قد يَصِلها بقطارٍ عابِر، أما أنا فَطريقي لكَـ سَراب.. لا مقارنة، جَبهَتي فعلاً لا تحتمل!

أُفكِّر بكَـ في كلِّ تفصيلٍ يمرُّ على يومي، و عقلي لم يقتنع بعد، أنني سأنسى يوماً ما، و أعتادَ..

إيجادُ حب آخر أسهل ألفَ مَرة من إيجاد صديقٍ يعني الحبّ، و يمثل لك كل العلاقات التي تجمع الإنسان، و بَعدَ أن فَقدتُكَـ غِبتُ عن كل الحقائق، و أتغيَّبُ عن حقيقةٍ واضحة، أنك أنت لم تعد في هذا العالم، وصولك، لقاؤك، ضحكتك التي تستفزني، نظرتك التي تَستَغبيني، حُزنُكَ الذي تَملؤني به مُرغماً، و تُرغِمُي على إشباعكَ حزناً على أوجاعي، كلّه باتَ خيالاً لا أراهُ إلا في عالَمِنا الذي صَنَعتُه عندما غابت حَقيقتُك، حقيقتكَ التي أفتقِدُها بِشدة..!

و أخيراً، كعادتي بعد كلِّ صفحةٍ أذكرُكَ فيها، أتمنى أن تكون بخير، و أحتَسِبُكَ عند الله سعيداً..!

عُلا أبوالرُّب ❤


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق